كعادتي كل مساء أجلس على ذلك الكرسي
الذي اثقله وزني وثقل همومي وافتح جهاز الحاسب الالي
والذي ارهقته نظرات عيناي المتحسرة البــائسه والمتأمله في نفس الوقت
وارتشف من فنجان القهوة المرة رشفة تبين حماسي الشديد واشتياقي لجهازي
وماهي الا لحظات حتى ينتهي الجهاز من تهيأه لي فتجري اصابعي مسرعة
لفتح بريدي اللأكتروني ويتبعها بذلك كل ماله صلة من جوارحي حاملة شغفها
الكبير لترى ما ان قد وصلت لي رسالة من فتاة اعتدت ان اراسلها كل ما
سنحت لي الفرصه
سبحان الله لما كل هذه اللهفة فأستيقظ من نفسي لكي انفض عني شغفي
الذي بدأ يسابقني لهذه الرساله وألف برأسي للجهة اليمنى وتارة للجهة اليسرى
وفي بعض الأحيان لتلك الصورة التي زينت بها غرفتي والتي دائما ما أراها الأمل
لي ولكل انسان بما انها تتكون من شمس مشرقة تقشع ظلاما دامسا أحل على
تلك البلاد
فيبدأ بريدي بظهوره شيئا فشيئا واحاول ان أغلقه ولكن أصابعي ولأول مرة
احسها بعدم انصياعها لأمري ورفضها طلبي الخجول ويساندها بذلك كل حواسي
اندهشت من هذا الفعل وتعجبت تاركا لهم ندمهم في حال عدم رؤيتهم
لرد تلك الفتــــاة
ولكن حالما ما أتراجع عن قراري فأنا أيضا متشوق لذلك الرد فنضل مترقبين
انا وجوارحي كعادتنا منتظرين بزوغ تلك الرسالة علينا
ولكن
نتفاجأ بعدم وصولها بعد رغم مرور 4 ليال و3 أيــام
فأضل أواسي جوارحي حتى تهدأ فينقلب الحال لتواسيني
جوارحي بعدما كنت انا من يهدأها فيتغير حالنا من حزن الى ضحك
وقهقهات عالية غير معهودة بي وكأنك ترى لوحة مزجت بألوان
طبيعية غامقه تتدرج بحد ذاتها لفــاتحه
- يعني وكأن دافنشي راسمنها تقرريبا يعني-
وتمر الأيام والترقب يحاصرنا من كل الجهات
فقررنا بعد ان اشترك فضولي معنا ان انبش ما تخبئه
هذه الفتاة في رفها الخاص على منتداها
فضللت أقرأ وأقرأ واحفظ بعض جملها لأقتبسها عند الحاجه
ورأيت أناسا يرحَب بها واناسا يُرَد عليها وهكذا دواليك
فقررت ان اسحب قواتي المتكونة من جوارحي وفضولي وأنا
بعد ما أكملت قراءة تلك اليوميات والخواطر المدهشة فعلاً
وأن نعود لبريدي اللأكتروني لعل وعسى أن تخالف ظنوني وأرى ردها
شــامخاً
فوق تلك الرسائل التي تنتظر ان أقرأها
فأغلبها كانت من بعض الأصدقاء وبعضها اعلانات تسويقيه من شركات
وبالفعل لم تخالف ظنوني هذه المره واِلتف حولي فضولي سابقا جوارحي
فعجبت لهذا الفعل فلأول مرة ارى جوارحي تأتي متثاقلة عند سماعها بخبر
وصول رسالة من تلك الفتاه وكأن قد أصابها شيءٌ من الخذلان
وانتظرتها رغم شغفي لقراءة تلك الرساله المنتظرة
ولكن
المفاجأة الكبرى عندما تثاقل بريدي أيضاً في فتحها وكأنه كا ن يهيئنا لأستقبال
لتلك الرسالة الباهته التي احبطت معنوياتنا جميعا بلا استثناء
والتي جائت كما أظن كتأدية واجب او ربما كمجاملة اعتدنا ان نتداولها
بين الحين والآخر في أغلب معاملاتنا اليوميه
فتراجع فضولي خطوتين الى الوراء وفر مسرعاً قبل ان يأتي الندم مرفرفاً جناحيه
ليخيم حولنا
فأختبئَت جوارحي خلفي خائفةً من هذا الشعور القادم فضممتها بشدة
لصدري لأهدئ من روعها فحزن الندم حزناً شديداً على ما شاهده من موقف حزن
وانسحب ولاح بجناحيه بعيداً عنا وما هي الا لحيظات حتى ســـال دمع الحزن
على جسمه الكهل وقد غلبه البكاء قائلاً : آسف آسف لم أشأ أن اعكر صفوكما
ولكني قد جُبِرت بفِعلها هي - يقصد الفتاة صاحبة الرسالة-
فأطفئت جهازي واستسمحت من كرسي العتيق واستأذنته بالنزوح عنه
ثم تفاجأت بمنبه الساعة بهاتفي بصوته المزعج الذي نسيت او تثاقلت
بمعنى أصح عن تغيير نغمته
لتذكرني بأن غدا هو يوم14/1 وهو يوم عيد ميلادي
وبداية فجرٍ سعيدٍ لي بأذن الله
أطفئت جهاز الهاتف
اغمضت عيناي
وخلدت للنوم .