الأسرة السعيدة
في دراسة ميدانية للدكتور القشعان شملت 2523 رجلا وامرأة
الأفراد المتدينون هم الأكثر رضا في حيــاتهم الزوجية
الإسلام جعل الالتزام بالدين الأساس الأول الذي يقوم عليه اختيار الزوج
الإسلام يري أن قوة المجتمع لن تتحقق إلا بتأسيس أسرة متماسكة
تسود فيها القيم و التعاليم الربانية
كشفت دراسة للدكتور حمود القشعان الأستاذ بكلية العلوم الاجتماعية جامعة الكويت عن أن الأفراد الأكثر تديناً هم الأكثر رضا في حياتهم الزوجية.
وتناولت الدراسة التي حملت عنوان "دورالاعتدال في التدين لدى الزوجين في إيجاد التكامل والرضا النفسي والسلوكي في العلاقة الزوجية - دراسة ميدانية " العلاقة بين مستوى التدين من جهة ومستوى الرضا الزواجي من جهة ثانية.
وتشير النتائج إلى أهمية وضع العلاقة الزوجية في إطار ديني مقدس وليس في إطار شخصي أو عقد مدني، مؤكدة أن الإسلام جعل الالتزام بالدين الأساس الأول الذي يقوم عليه اختيار الزوج أو الزوجة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " اذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" .
وشددت الدراسة على عدم وجود فروق دالة إحصائياً بين الجنسين (ذكور-إناث) على مقياس التدين، مشيرة إلى أن الإناث والذكور في المجتمع الكويتي لديهم اتجاهات والتزامات متقاربة نحو الدين، ويمارسون شعائره بدرجة متقاربة دون وجود اختلافات جوهوية.
وتؤكد نتائج الدراسة أهمية إرشاد المقبلين على الزواج والمتزوجين على حد سواء بالحقوق والواجبات الزوجية كما حددها الشرع الحنيف، إضافة إلى أهمية استنباط السنن التي حث عليها ومارسها الرسول صلى الله عليه وسلم. لأن ممارسة المسلم لشعائر دينه عقيدة وسلوكا تعد عاملا مهما وأساسيا في تحقيق الرضا والاستقرار الأسري.
وقد حاولت الدراسة الإجابة عن مجموعة من الأسئلة التالية :
- ما درجة الالتزام الديني لدى عينة من المواطنين الكويتيين؟.
- هل هناك اختلاف بين الرجال والنساء في درجة الالتزام الديني؟.
- هل يختلف الناس في درجة تدينهم، حسب المستوى التعليمي والمستوى الاقتصادي وحسب المناطق السكنية؟.
- هل يختلف المتدينون عن غير المتدينين من حيث مستوى الرضا الزوجي؟
- ما أكثر الشعائر الدينية المؤثرة بدرجة الرضا الزوجي لدى الزوجين؟.
وقد أجريت الدراسة على عينة عشوائية قوامها 2523 فرداً من الذكور والإناث من كافة محافظات دولة الكويت، وقد وزعت عليها استبانة شملت متغيرات الدراسة من حيث الجنس والعمر ومدة الزواج والمستوى التعليمي ومستوى الدخل الشهري، وغيرها من المتغيرات التي يرى الباحث إمكانية تأثيرها وارتباطها بهدف الدراسة.
الإناث والذكور في المجتمع الكويتي لديهم اتجاهات والتزامات متقاربة نحو الدين
وقد كشفت الدراسة أن الأفراد الأكثر تديناً، كانوا أكثر رضاً في حياتهم الزواجية، كما أظهر الذكور مستوى أعلى منه لدى الإناث من حيث مستوى الرضا عن العلاقة الزواجية، وعند مقارنة الجنسين وفق مستوى التدين، لم تكشف الدراسة فروقاً ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث من حيث مستوى التدين.
من جانب آخر، أثبتت الدراسة وجود فروق واضحة بين كل من متغير العمر ومدة الحياة الزوجية ومستوى الدخل ودرجة الرضا الزواجي.
وأكدت الدراسة أن التدين عقيدة وسلوك ، وأن هناك دلالات واضحة على أن الدين مهذب للسلوك وللنفس على حد سواء.
و تأتي نتائج الدراسة لتساعد المرشدين الاجتماعيين والنفسانيين و الأسريين في فهم حاجات المسترشدين من المترددين على المراكز الاستشارية، سواء النفسية أم العائلية والتي من شأنها المساهمة في اتخاذ الأساليب العلمية لتطبيق وتحقيق أفضل النتائج المرجوة للمجتمع ككل.
إتباع تعاليم الدين الإسلامي يحفظ الأسرة ويضمن استمرارها وأداء أدوارها ويحول دون تفككها
وقال د. حمود القشعان في دراسته إن المتتبع للدراسات العربية التي تناولت عوامل استقرار ونجاح الحياة الزوجية يدرك مدى تنوع واختلاف نتائج الدراسات حول هذه العوامل، فهناك من أكد أهمية حسن الاختيار كأساس لنجاح الزواج، وهناك من أكد الثقة والحوار، حيث تبين أن تدهور الحوار والتواصل بين الزوجين يشكل نسبة 28% من أسباب الطلاق ، في حين أكد آخرون أهمية الدين وإتباع تعاليمه في حفظ الأسرة وضمان استمرارها وأداء أدوارها، حيث يرون أن التفكك الأسرى يرجع إلى الابتعاد عن الالتزام الصحيح بالدين وسيطرة دوافع الأنانية الفردية وحب الملذات والشهوات .
وتأكيداً لأهمية الدين في حفظ الاستقرار الأسري فقد ظهرت مؤسسات لها طابع ديني سواءً كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية وجميعها تؤكد أهمية الدين كعامل في حفظ الرابطة الزوجية، فعلى سبيل المثال ظهرت في ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية مؤسسات Prep والتي تعنى بتهيئة المقدمين على الزواج من الجنسين في إطار الكنيسة، كما ظهر تحالف الزواج من الجنسين في إطار الكنيسة تحت مسمى تحالف الزواج الذكي Smart Marriage Coalition ، والذي يعقد مؤتمره السنوي في العاصمة الأمريكية في ظل تأكيد أهمية التدين في حفظ الزواج واستمرار فاعليته .
أما على مستوى الوطن العربي وبالأخص في دول الخليج العربي فقد ظهرت مؤسسات ذات طابع ديني تهتم بالأسرة والزواج ضمن إطار الدين والتدين.
ففي دولة الكويت بــدأت " لجنة مصابيح الهدى " في حملات التوعية وعقد الدورات للمتزوجين والمقبلين على الزواج، ثم أنشئ صندوق الأسرة وصنـدوق السعادة الزوجية التابـع للأمانة العامة للأوقاف.
أما في البحرين فقد ظهرت لجنة "البشاير" وهي لجنة تشبه مصابيح الهدى الكويتية من حيث الهدف والوسائل.
وفى الإمارات ظهرت مؤسسات أهلية وحكومية، وعلى رأسها صندوق الزواج ومكتب شئون المواطنات.
وفي قطر نشطت دار تنمية الأسرة للعمل على حفظ واستقرار الأسرة القطرية.
أما على مستوى الدول العربية الأخرى، فقد ظهرت جمعية العفاف بالأردن وتهتم بنفس الأهداف التي تنطوي عليها الجمعيات الخليجية، وتحاول هذه المؤسسات وما شابهها الحفاظ على استقرار الأسرة في المجتمع العربي، حيث تعتمد على الدين الإسلامي في أنشطتها الرامية إلى تحقيق ذلك، ولما كان الدين ينعكس على سلوك الفرد، أو يفترض فيه أن يكون كذلك، فإن السلوك الزواجي والأسري سوف يتأثر - بالتأكيد- بموقف صاحبه من الدين، وهنا تتضح أهمية استقصاء العلاقة بين التدين والرضا الزواجي باعتبارها الأساس الأول للحفاظ على الأسرة وضمان استقرارها.
وأكد د. القشعان أن الدراسات الغربية تزخر بتأكيداتها على دور الدين، وضرورة الالتزام به في تقويم السلوك الفردي والجمعي للإنسان ، في حين تندر الدراسات العربية المعنية بالعلاقة المباشرة بين التدين والحياة الزوجية ، فيما عدا بعض الدراسات التي استخدمت مقاييس لتقدير درجة التدين وعلاقته ببعض الظواهر الاجتماعية السلوكية الأخرى.
وأضاف : هناك أيضا دراسات أخرى أجريت لقياس بعض العوامل والأفكار والمفاهيم المرتبطة بالدين في حين كانت هناك دراسات متشابهة لحد كبير وذلك لدراسة العوامل المؤثرة بالتدين لدى الشباب الجامعي .
وكذلك تشابهت دراسـات أخرى حول الالتزام الديني لدى المراهقين بالمراحل الثانوية .
بينما أجريت دراسات أخرى على علاقة الدين بالصحة النفسية وعلم النفس، فعلى سبيل المثال ظهرت دراسات تناولت العلاقة بين التدين وكل من العصابية والانبساط والثقة بالنفس والدافعية للإنجاز، وكذلك الاتجاهات الدينية والتكيف النفسي وكلها تؤكد على أهمية علاقة الدين بالصحة النفسية ، في حين كانت هناك دراسة حول علاقة التدين ببعض المخاوف لدى طلبة الجامعة.
أما عن دور التدين و علاقته بالحياة الأسرية فلم يجد الباحث غير تحقيقات صحفية ومقالات في مجلات أسرية. ولذا لا يجد الباحث بداً من الاعتماد الأساسي على الدراسات الغربية في توضيح العلاقة بين متغيرات الدراسة ، رغم اختلاف معنى التدين في الواقع التطبيقي بين كل من اليهودية والمسيحية من جهة والإسلام من جهة أخرى. ومع ذلك فإننا لن نهمل ذلك الجهد البحثي، الذي قام به باحثون عرب بغية محاولة تأكيد ومقارنة النتائج التي انتهت إليها دراساتهم مع ما توصل إليه الباحثون الغربيون حول علاقة التدين بالحياة الأسرية.
ورغم أن الدراسة الحالية - كما يشير د. القشعان - لا تهدف قياس درجة الرضا الزواجي بين الزوجين المختلفين في الديانة إلا أنه تجدر الإشارة إلى أهمية التشابه الديني كعامل مهم للرضا الزواجي، إذ إن التشابه والتقارب العقائدي ومستوى تدين الزوجين من شأنه التأثير إيجابياً في درجة الحوار الزواجي ونوعيته من جهة، وتأكيد عمق التوافق والتعاطف بين الزوجين من جهة ثانية (Lias Steven, 1994) إن تشابه ديانة كل من الزوجين يحدد درجة تماسك الأسرة ومستوى الرضا فيها، ففي دراسة حول زواج اليهود الأمريكان من بعضهم البعض من جهة وزواجهم من أفراد مسيحيين من جهة ثانية, اتضح ارتفاع الطلاق بشكل مضاعف عند زواج اليهود من غير اليهود ، فقد وصلت نسبة الطلاق لديهم إلى (32%) بينما كانت نسبة الطلاق بين الأزواج من نفس الديانة تشـكل نسبة (17%) فقط.
وفى مقابل تلك الدراسات التي أكدت ارتباط الرضا الزواجي بالتدين ، ظهرت دراسات تتحفظ على إطلاق التعميمات حول تأثير التدين في الحياة الزوجية. إذ أكدت دراسة فليسنغر و ويلسون (Filsinger Wilson, 1984) على أن تأثير التدين يكمن فقط في تهيئة طرفي الزواج لاحتواء وحل المشكلات الزوجية ، وليس في تزويد الزوجين بمهارات احتواء وحل المشكلات الزوجية، بمعنى أن التدين بحد ذاته يتأثر بنمط شخصية كل من الزوجين، وأسلوب تنشئتهما. بل ذهبت نفس الدراسة إلى أن درجة التدين ليست العامل الرئيسي في وجود أو تحقق الرضا الزواجي، و إنما عوامل أخرى تؤثر في ذلك منها ، مدة الحياة الزوجية و الوضع الاقتصادي للزوجين وكذلك درجة النضج لكلا الزوجين.
الإسلام والحياة الزوجية
التقرب والتلطف مع شريك الحياة حتى في أصغر الأمور كاللقمة أو شـربة الـماء
يعتــبره الإسـلام عــبادة وتقـرباً لله عـز وجــل
ويقول د. القشعان إن الإسلام دين عقيدة ونظام حياة للفرد ، والأسرة، والمجتمع وهناك العديد من الأسباب التي تدعونا كمختصين مسلمين في مجال العلوم الاجتماعية وليس الشرعية للتعويل على أهمية الدين بصفة عامة والدين الإسلامي بصفة خاصة، في حفظ استقرار الرابطة الزوجية، وتتلخص أهم هذه الأسباب فيما يلي :
1 - أصالة وعمق درجة الإيمان بالله لدى الناس بالمجتمعات الإسلامية، بغض النظر عن درجة الالتزام بتعاليم الدين.
2 - سرعة اللجوء لله من جانب أغلبية الناس عند اشتداد الأزمات النفسية والاجتماعية لديهم.
3 - احترام الناس لتعاليم الدين حتى وإن لم يمارسوها "قدسية كلام الله".
4 - عدم الإلمام والوعي الكافي لدى المختصين بالعلوم الاجتماعية والنفسية ( الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين ) بأمور الدين وربطها بالحياة اليومية، ما يجعل الناس لا يثقون بهم أو بدورهم في حل المشكلات الأسرية .
5 - تكمن أهمية التعاليم الدينية في العملية الإرشادية بشكل كبير في تحديد مرجعية المغالاة في الحقوق والواجبات الفردية والأسرية.
6 - ارتباط مؤسسة الزواج من حيث الأحكام والحقوق والواجبات بالإطار الديني وبالشريعة الإسلامية ممثلاً بقوانين الأحوال الشخصية.
وأضاف د. القشعان : لقد أرسل الله عز وجل رسله لهداية الناس وحفظ مقاصد الشريعة، ومن بين هذه المقاصد حفظ النسل، كما وضع الإسلام الأسس والمعايير التي تضمن كفاءة مؤسسة الزواج والنظام الأسري، فالدين الإسلامي يحث على أهمية مراعاة حق الله في العلاقة الزوجية .
ففي سنن ابن ماجه يروى الحديث النبوي "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" ، والمعنى بذلك أن الخيرية والسعادة لمن يسعى لإسعاد أفراد أسرته لأنه بذلك يحقق سعادتي الدنيا والآخرة.
وفى حديث آخر يرويه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكد على أهمية الدين كمعيار للاختيار الزواجي الناجح، فقال "تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" ، إذ أن الدين يأتي كأول وأهم معايير الاختيار في شريك الحيـاة.
إن الإسلام يؤكد أهمية العناية بأفراد الأسرة ويؤكد الاهتمام بأفرادها من منطلق الرعاية والمسئولية، قال الرسول الكريم (كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يقوت)، بل إن الإسلام قد حدد مقومات وعناصر تحقيق السعادة في البيت المسلم فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يصف البيت السعيد قائلا "من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء". إذاً يؤكد الإسلام على أن الزوجة أحد أهم عناصر السعادة للمرء في الدنيا.
ثم يبين الرسول صلى الله عليه وسلم صفات تلك الزوجة الصالحة قائلاً ( إذا نظرت إليها سرّتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك وعرضك. وهذا دليل عظيم على أن التدين في الإسلام مختلف عنه في الملل الأخرى في أن المسلم (المسلمة) المتدين هو الذي يراقب الله في سلوكه وخواطره في سره وعلانيته.
إن هذه التوجيهات النبوية جاءت لتؤكد أهمية السلوك الإيجابي والرعاية المسئولة في تعزيز العلاقة الزوجية. إذ لا قوامة دون إدارة ولا إدارة أسرية دون مسئولية، ولا مسئولية دون قيم عليا تحقق الرضا الزواجي.
وحثَّ الإسلام الشخص على خدمة أهله ، إذ روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة" .
ويواصل د. القشعان قائلا : إن التحدث عن تهذيب الإسلام لسلوك المسلمين وخاصة في الحياة الزوجية لا يقتصر على العموميات فقط، وإنما جاء في أدق التفصيلات في التعامل اليومي بين الزوجين، فعلى سبيل المثال فالإسلام يؤكد أهمية التلاطف بين الزوجين، ويعتبره من أعمال الخير والبر، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم "وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك".
بل روي عنه عن طريق العرباض بن سارية "إن الرجل إذا سقى امرأته من الماء أُجر". ويعني ذلك أن التقرب والتلطف مع شريك الحياة حتى في أصغر الأمور كاللقمة أو شربة الماء يعتبره الإسلام عبادة وتقرباً لله عز وجل.
كما أكد الإسلام أهميه غض الطرف وعدم تتبع العثرات فقد روي عن أنس قال "ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم " فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل".وهذا دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يغض طرفه عن كثير من الأمور التي قد تصل إلى هجره " .
وهذا دليل على أن الإسلام يراعي الطبيعة الإنسانية في شخصية كل من الزوجين، وخاصة نفسية الزوجة في حالة الغضب. لذا كان الصبر في مثل هذا الموقف رحمة ورجولة بعيداً عن التهور والتسرع الانفعالي.
بل إن الإسلام راعى الحاجة الفطرية لدي الإنسان ، وجعلها تحدد ضمن إطار الإنسانية المهذبة بعيداً عن المتعة الشهوانية، فقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم على الاستمتاع المباح لتحقيق التوافق النفسي والجسدي فقال" وفى بضع أحدكم صدقه، قالوا يا رسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له اجر" . وفى رواية أفتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير" .
أما فيما يتعلق بالحقوق المادية تجاه الأسرة، فقد روى أبو داود في سننه أن معاوية بن صيدة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال: " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" .
وفى رواية للبخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال " إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة" . ولقد اعتبر الإسلام مسؤولية الزوج بالنفقة طريقاً للقوامة والتي نراها في المنظور النفسي الاجتماعي قوامة إدارة لشئون الأسرة وليست قوامة تسلط واستغلال وظلم بحجة القوامة. من جانب آخر ينهى الإسلام كلا الزوجين عن التركيز على السلبيات في العلاقة الزوجيه "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضى منها آخر".
ويستطرد قائلا: هذه قبسات من آداب الإسلام الخاصة بالحياة الزوجية، تثبت أن الإسلام جاء ليؤكد على أن اتباع تعاليمه ما هو في حقيقته إلا تنمية للإنسانية من جهة وتزكية للمجتمع من جهة أخرى، وطريق لمرضاة الله من جهة ثالثه. بل إن الإسلام يرى أن قوة المجتمع، لن تتحقق إلا بتأسيس أسرة متماسكة تسود فيها القيم والتعاليم الربانية، التي يؤكدها الزوجان عن طريق التزامهما بتعاليم الدين الإسلامي الذي فرق بين الحلال والحرام من جهة وبين الصواب من الخطأ في تلك العلاقة الإنسانية الحميمة من جهة أخرى.