بسم الله الرحمان الرحيم
قلــوب المـؤمنين بين اليقظة والغفلة
الحمد لله خالق القلوب و منير الدروب ، و أشهد أن لا اله الا الله
ذو الفضل و الاحسان سبحانه علام الغيوب ، و أشهد أن محمد رسول
الله صلى الله عليه و سلم مطهر النفوس و طبيب القلوب ، اللهم صلى
عليه و على آله و صحبه وسلم تسليماً كثيراً
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ
بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }
الحج46
خلق الله سبحانه و تعالى القلوب ،ورزقنا بها حتى تكون بوابة لنا
فمن القلب يعرف الانسان و من الاخلاق يعرف القلب ، فالقلب
أما ان يكون بوابة للأيمان و طاعة الرحمن ، و أما أن يكون بوابة
للكفر و الغفلة و معصية الديّان .
فالقلوب خلقها الله و قد ميّز من يشاء و ووضع سخطه و غضبه
على من يشاء منها ، فنجد قلوب مطمئنة منيرة ممتلئة بنور الايمان
بالله وحده لا شريك له .
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }
الرعد 28
و أخرى نجدها قلوب مظلمة خائفة غير مطمئنة ، شديدة القسوة
مملوءة بالمعاصى و الذنوب .
{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ }
الحجر 12
فهذا هو القلب
مفتاح الانسان و مدخله
فقلوب البشر عناوينهم
فما معنى القلب ؟؟؟
فالقلب هو هذا الكائن الذى يتقلب بين الحين و الآخر ، فأحيانا
نجده مطمئن طائع و منيب ، و احياناً آخرى قلب متمرد يقع فى
المعاصى و الذنوب فهذا هو حال القلوب الدائم .
والقلب لغةً و اصطلاحاً
القلب : هو تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه. قَلَبه يَقْلِـبُه قَلْباً
لتَقَلُّبِه ؛ وأَنشد:
ماسُمِّي القلب إِلاَّ مِنْ تَقَلُّبه ، والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنْسان أَطْوارا وروي عن النبي ...
صلىاللّه عليه وسلم، أَنه قال : سُبْحانَ مُقَلِّب القُلُوب!)
وقال اللّه تعالى: {ونُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهم وأَبصارَهم}.
فمن معنى كلمة القلب أصلها التقلب وعدم الثبات على شئ
وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء
كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم و قال:
(اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
فإذا كان هذا حال رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يأمن
على نفسه و هو رسول الله ، فكيف بنا نحن خاصة مع تلاطم أمواج
الفتن في هذا الزمان .
فالقلوب أنواع
كما ذكر القرآن الكريم ...وذكر أهل العلم
فنجد للقلوب أنواع كما عرفنا من كتاب الله فنجد من القلوب
المؤمنة الموحدة لله التى لا تعرف إلا الايمان و لا تعرف ...إلا حب
الله و رسول الله صلى الله عليه و سلم ... و هى قلوب تسعى الى
الطاعات والخيرات و تنفر من المعاصى و المنكرات .
مثل القلوب المطمئنةكما قال الله تعالى :
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِاللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28
القلب المنيب :
وهو دائم الرجوع والتوبة إلى الله
{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ }ق33
القلب الوجل :
وهو الذي يخاف الله عز وجل {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ
وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ...}الحج35
القلب التقـي:
وهو الذي يعظم شعائر الله
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32
ولادة القلوب ... فضيلة الشيخ محمد يعقوب
أماالنوع الآخر من القلوب فنجدها قلوب سوداء بغيضة
لاتعرف الايمان ، تشبعت بالمعاصى و الذنوب حتى أصبحت
قاسية من غضب الله عليها مثل :
القلب الغافـل :
وهو الذي يغفـل عن أداء دوره ووظيفته في الحياة.
{....وَلَاتُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا}
القلب القاسي :
وهو الذيل ا يعرف الله ولا يذكره
{ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ...}الحج53
القلب المريض :
وهو الذي أصابه مرض مثل الشك أو النفاق
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً ... }البقرة10
القلوب المختومة :
(ختَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ }البقرة7
القلوب المطبوعة :
{..أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ }محمد16
قال ابن القيم رحمه الله
القلوب ثلاثة :
قلب سليم
وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به
قال تعالى:
{ يَوْمَ لايَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}
الشعراء 88، 89
والقلب السليم هو الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ، ومن كل شبهة تعارض خبره ،
فسلم من عبودية ما سواه..
وسلم من..تحكيم غير رسوله.
وبالجملة فالقلب السليم الصحيح هو الذي سلم من أن يكون لغير
الله فيه شرك بوجه ما، بل قد خلصت عبوديته لله :
إرادة ، ومحبة ، وتوكلاً ، وإنابة ، وإخباتاً، وخشية ، ورجاء ...
وخلص عمله لله ، فإن أحب أحب لله، وإن أبغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله ، وإن منع منع لله .
القلب الميت
وهو ضد الأول وهو الذي لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه ، بلهو واقف مع شهواته ولذاته ،
ولو كان فيها سخط ربه وغضبه ، فهو متعبد لغير الله :
حباً، وخوفاً ، ورجاء ، ورضاً وسخطاً ، وتعظيماً ، وذلاً ،
إن أبغض أبغض لهواه، وإن أحب أحب لهواه ، وإن أعطى أعطى لهواه...وإن منع منع لهواه ، فالهوى إمامه ،
والشهوة قائده ، والجهل سائقه ، والغفلة مركبه .
القلب المريض
هو قلب له حياة وبه علة، فله مادتان تمده هذه مرة وهذه أخرى ، وهو لما غلب عليه منهما.
ففيه من محبة الله تعالى ووالإيمان به ، والإخلاص له،والتوكل عليه :
ما هو مادة حياته،وفيه من محبة الشهوات والحرص على تحصيلها، والحسدوالكبر،والعجب، وحب العلو،
والفساد في الأرض بالرياسة، والنفاق،والرياء، والشح والبخل ما ..هو مادة هلاكه وعطبه .
والآن بعد أن عرفنا .......
أنواع القلوب
إسأل نفسك أخى المسلم و اسأل قلبك ......
أى القلوب أنت ؟؟؟؟؟؟
بعد أن عرفت أن القلب هو الملك للجسد و المصرِّف له والأعضاء
عبيده .فالعبيد هم العاملون بأوامرالملك فهم عنوان صلاح الملك
وسداد رأيه وكمال عقله ، وكذلك هم عنوان فساده وسوء
رأيه ونقص عقله.
و فى هذاالحديث الشريف عن النبي – صلى الله عليه وسلم-
عن النعمان بن بشير –رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :
( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله،
وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) متفق عليه ..
فجعل النبي –صلى الله عليه وسلم- القلب هو المرجع لصلاح
الجسد وفساده ، فالقلب منبع الخير والشر .
فأي القلوب ممكن أن يكون قلبك؟؟؟
مع النظر للبيئة المحيطة به الصحبة من حوله فإذا جاوبت و عرفت أي القلوب قلبك
إحذر علل وأمراض القلوب
فالقلب من شدة خطورة و أهميته للجسد كله ، فهو من
الاشياء التى يمكن أن تمرض بسبب كثرة الشهوات و الفتن التى يمكن نتعرض عليه طوال حياة الإنسان .
فالمسلم يجب أن يهتم بقلبه فهو ملك الجوارح و قائدها
وبإستقامته تستقيم باقي الأعضاء ، و يجب الحذر من
الأمراض على القلب ..
قال حذيفة سمعت رسول الله صلى عليه وسلم قال :
( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب اشربها نكت فيه نكتة سوداء وأى قلب انكرها نكت فيه نكتة بيضاء
حتى تصير على قلبين - على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنه مادامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا
لايعرف معروف ولاينكر منكراً الا ما اشرب من هواه) رواه مسلم
و الآن إكتشف مرض قلبك
و أنظر لنفسك أيها المسلم وأجب
على هذه الأسئلة
إذا وجدت نفسك بعيداً عن الله .. .
و إذا وجدت نفسك لا تمتثل لأوامر الله ...
إذا وجدت نفسك رافضاً لواقعك الذي قدره الله لك وعليك ....
إذا وجدت نفسك جاحداً أو ناكراً أو مبغضاً أو حاسداً ..
فاعلم أن قلبك مريض.
قال ابن القيم رحمه الله
امراض القلوب نوعان :
نوع: لايتألم به صاحبه في الحال وهو مرض الجهل،والشبهات
والشكوك،وهذا هو أعظم النوعين ألماً ولكن لفساد القلب
لايحس به.
ونوع: مرض مؤلم في الحال: كالهم، والغم، والحزن، والغيظ،
وهذاالمرض قد يزول بأدوية طبيعية بإزالة أسبابه وغير ذلك.
سلسلة أمراض القلوب ... فضيلة الشيخ محمد يعقوب
فيا أيها المسلم
المريض بمرض القلب
تتألم وتشكو المعاصى و الأثام تشكو الفتن و وساوس الشيطان
فتعالى وأصلح قلبك
بترياق القلوب
فإن العلل فى القلوب قد إزدادت من كثرة الفتن
التى يمر بها المسلم فى حياته فكان يجب أن نجد الحل الذى
نداوى به أمراض قلوبنا من الغفلة التي هى فى الحقيقة
غيبوبة يدخل فيها القلب عند مرضه .
فمن أهم أدوية القلوب
" إقامة الصلوات الخمس في جماعة لاسيما صلاة الفجر "
" ذكر الله كثيراً و خاصةً قراءة القرآن الكريم "
" الدعاء الكثير وخاصةً فى أوقات الاجابة "
" الصيام خاصةً النوافل منه "
" قيام الليل وكثرة السجود "
"الصدقات كثيرة أو قليلة "
"حضور مجالس العلم"
"مجاهدة النفس عن الهوى"
"الدعوة إلى الله بشتى الطرق"
أصلح قلبك ... للشيخ هانى حلمى
ما أجمل أدوية القلوب
التى بها يطيب القلب و تمحو الذنوب
فاستمر أيها المسلم..على هذة الأدوية حتى يطيب قلبك
و يستسلم الشيطان
فحصن نفسك دائماً من الشيطان فـ للشيطان الكثير
من المداخل لقلب الإنسان حاول أن يكون قلبك سداً
منيع اًلا يمكن للشيطان أن يخترقه وهذا بإيمانك بالله
و رسول الله صلى لله عليه و سلم .
سلسلة حياة القلوب ... الشيخ عادل المطيرات
حصنت قلبك الآن ....و داويته ، فابحث عن....
إبحث عن الإيمان ....في قلبك
إبحث عن سر حياة القلب السليم المؤمن الطائع ،
إبحث عن أجمل شئ يزين قلب المؤمن ألا وهو
الإيمان بالله فبه يكون القلب صالح منير و لا يمكن
أن يصيبه شئ من أمراض القلوب .
إبحث عن الإرادة
إن المؤمنين قلوبهم تريد الخير إرادة جازمة ولهذا
جوارحهم تطيع هذه الإرادة فهم مستقيمون
على طاعة الله تعالى .
الإيمان وأثره فى إصلاح القلب ... للدكتور بدير محمد
رسائل إلى قلوب المؤمنين
من أقوال سلف الأمة و التابعين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله
-: "القلوب الصادقة والأدعية الصالحة هي العسكرا لذي لا يغلب ".
قيل للإمام أحمد-رحمه الله-: "
كم بيننا وبين عرش الرحمن؟ قال: دعوة صادقة من قلب صادق "
جاء رجل إلى الحسن البصري - رحمه الله-:
فقال: "يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي. قال: أدبه بالذكر
قال يحيى بن معاذ :
القلوب كالقدور تغلي بما فيها ، وألسنتها مغارفها ،انظر إلى الرجل حين يتكلم ، فإن لسانه يغترف مما في قلبه ،
حلو ..حامض ..عذب ..أجاج ..وغير ذلك ،ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه :
لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلب
..
ختاماً
أخى المسلم طهر قلبك و نظفه دائماً وتذكر دائماً
قول الله تعالى
{أَلاَبِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }
فبذكر الله يلين القلب و يرق فأي مرض من أمراض القلوب
ممكن أن يدخل بداخل القلب الذى ينبض بذكرالله.
(اللهم ثبت قلوبنا على دينك)